تقنيةتكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي وتجميل الصور… والخداع في الواقع! ، جريدة موطني

الذكاء الاصطناعي وتجميل الصور… والخداع في الواقع!

الذكاء الاصطناعي وتجميل الصور… والخداع في الواقع!

بقلم / محمد عزوز

 

في عصرنا الحالي، أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على تعديل الصور وتحسينها إلى درجة تجعلك ترى شخصًا بملامح مثالية لم تكن موجودة في الأصل. بل وأكثر من ذلك، يمكنه إنشاء مقاطع فيديو كاملة لشخص لم يسجلها بنفسه، مستخدمًا صوته وصورته بشكل يخدع العين والأذن معًا. تخيل مثلًا أن ترى مقطع فيديو لرئيس دولة يُعلن قرارًا خطيرًا، بينما في الحقيقة لم يقل هذه الكلمات أبدًا! أو أن تستلم رسالة صوتية من صديقك لكنها ليست صوته الحقيقي بل تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي.

 

مع تطور هذه التقنيات، بات من الصعب التمييز بين الحقيقة والخيال، لدرجة أن حتى الأشخاص الأذكياء قد يقعون في الفخ ويصدقون ما هو مزيف. ومع ذلك، هناك من يمتلك خبرة وقدرة على تحليل التفاصيل، مما يساعده على كشف هذه الخدع بسهولة، مثل الصحفيين المتخصصين في التحقق من الأخبار، أو خبراء الأمن السيبراني الذين يستطيعون كشف الفيديوهات المزيفة من خلال تحليل الإضاءة، وحركة الشفاه غير الطبيعية، ونغمة الصوت.

 

وجوه بشرية… وما وراء الأقنعة!

 

لكن إذا نظرنا حولنا، سنجد أن هذه الظاهرة لا تقتصر على التكنولوجيا فقط، بل تمتد إلى حياتنا الواقعية. فكما يستطيع الذكاء الاصطناعي تجميل الصور والفيديوهات، هناك أيضًا أشخاص يتفننون في تجميل صورتهم أمام الآخرين بالكلمات الجميلة والتصرفات الزائفة، التي تجعلهم يبدون وكأنهم مثالٌ للنقاء والإخلاص. لكن كما أن هناك طرقًا لكشف الصور المزيفة، فإن المواقف الصعبة هي الاختبار الحقيقي لهؤلاء، إذ تُسقط عنهم أقنعتهم وتكشف حقيقتهم.

 

تخيل مثلًا شخصًا في عملك دائمًا ما يتحدث عن التعاون والوفاء، ويبدو أنه داعم للجميع، لكنه عندما يحدث موقف تحتاج فيه لمساعدته—كأن يساندك في مشروع صعب أو يدافع عنك عند وقوع مشكلة—يختفي تمامًا وكأنك لم تكن تعرفه! أو زميل دراسة دائمًا ما يتحدث عن الصداقة القوية، لكنه عند لحظة الاختبار، عندما تحتاج إلى مذكراته أو مساعدة في امتحان، يختلق الأعذار ويتجنبك.

 

عندما يسقط القناع… كيف تتصرف؟

 

تخيل أنك تمتلك صديقًا اعتقدت دائمًا أنه سندك في الشدائد، فقد أغرقك بالكلمات الراقية والمجاملات، وجعلك تصدق أنه سيكون معك في أي وقت تحتاج إليه. ولكن عندما جاء الاختبار الحقيقي—لحظة احتجت فيها إلى دعمه، مثل أزمة مالية مفاجئة، أو مرض استدعى الوقوف بجوارك—لم تجده، بل ربما تهرب منك أو أدار لك ظهره وكأن كل كلماته السابقة لم تكن سوى سيناريو مُعدٍّ مسبقًا، مثل فيديو الذكاء الاصطناعي الذي يحاكي شخصًا لكنه في الحقيقة ليس سوى خدعة بصرية.

 

تمامًا مثلما يمكنك كشف الصور والفيديوهات المزيفة من خلال التدقيق في التفاصيل، يمكنك أيضًا كشف هؤلاء الأشخاص من خلال الأفعال، وليس فقط الكلمات. فالمواقف هي الاختبار الحقيقي للقلوب، وهي التي تميز بين الصادق والمزيف. فلا تتعلق بالصورة الجميلة فقط، بل ابحث عن الحقيقة خلفها، لأن الخداع في الواقع أكثر خطرًا من أي تقنية حديثة!

 

هنا يأتي القرار الصعب: هل تستمر في تصديق الصورة المزيفة، أم تواجه الحقيقة مهما كانت مؤلمة؟ الفرق بين الخداع الرقمي والخداع البشري أن الأول قد يُدهشك لكنه لا يؤذيك بشكل مباشر، أما الثاني فقد يُحطم ثقتك بالناس ويجعلك تتردد قبل أن تمنح مشاعرك وصدقك لأي شخص مجددًا.

 

لكن لا تحزن، فكما أن هناك برامج تكشف الصور والفيديوهات المزيفة، فإن الحياة نفسها تمتلك آليتها الخاصة لكشف المخادعين. والمواقف الحقيقية هي أقوى أداة تحليل على الإطلاق. فقط تعلم أن ترى الأمور بعين الواقع، لا بعين الكلمات المزخرفة التي يختبئ خلفها البعض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى